اقتصاد

محمد وجيه: تطوير آليات تمويل عقاري مرنة عبر البنوك وصناديق الاستثمار يُنشط الاستثمار العقاري

قال “محمد وجيه” المحامي فى قسم التقاضي بمكتب “توكل” للمحاماه والإستشارات القانونية، لا شك أن القطاع العقاري يمثل أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد المصري، وهو من أكثر القطاعات جذبًا لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية، ولتنشيطه بشكل مستدام، أرى أن هناك مجموعة من الخطوات القانونية والإجرائية التي يجب العمل عليها بصورة متكاملة.
أولًا، من الضروري تعزيز الشفافية وتبسيط الإجراءات الخاصة بتسجيل الملكية ونقلها، فسهولة التسجيل وتوضيح الملكية القانونية للعقارات تُعد من أهم عوامل جذب المستثمرين، خاصة الأجانب الذين يبحثون عن الوضوح القانوني والأمان التشريعي.
ثانيًا، يجب تحديث التشريعات العقارية وتنظيم العلاقة بين المطورين والمشترين بشكل أكثر توازنًا، فوجود قانون واضح لحماية حقوق المشترين والمطورين معًا سيزيد من الثقة في السوق، ويحد من النزاعات التي قد تؤثر سلبًا على سمعة القطاع.
ثالثًا، من المهم أيضًا تفعيل منظومة التسجيل الإلكتروني للعقارات وربطها بالبيانات الجغرافية والمالية، لضمان الدقة وسرعة التداول العقاري، وهو ما يتماشى مع جهود الدولة في التحول الرقمي.
رابعًا، أرى أن من المفيد تطوير آليات تمويل عقاري مرنة ومتنوعة، سواء من خلال البنوك أو الصناديق الاستثمارية، مع وضع ضوابط قانونية واضحة تضمن حقوق المستثمرين والممولين والمستهلكين.
وأخيرًا، يجب أن يكون هناك تنسيق مستمر بين التشريعات العقارية والاستثمارية، بحيث يكون المستثمر الأجنبي قادرًا على الدخول إلى السوق بسهولة، وتملك العقارات أو استثمارها في إطار قانوني مستقر ومضمون.
بإيجاز، تنشيط السوق العقاري لا يعتمد فقط على البنية الاقتصادية، بل على البيئة التشريعية المستقرة والشفافة التي تمنح الثقة للمستثمرين وتضمن حقوق جميع الأطراف.

وقال “محمد وجيه”، إن هناك مجموعة من الخطوات القانونية والإجرائية التي يجب العمل عليها بصورة متكاملة لتنشيط القطاع أهمها تحديث التشريعات القانونية .
واعتبر “وجيه” أن تأخر تسليم الوحدات السكنية أو عدم الالتزام بشروط التعاقد يترك أثراً سلبياً على مناخ الاستثمار العقاري، لأنه يزعزع الثقة بين المستثمر والمطور، ويُضعف ثقة المواطنين والمستثمرين الأجانب في السوق، وأكد أن تلك المشكلة من أكثر النزاعات شيوعاً بين العملاء والشركات .
وعن أهم البنود القانونية الواجب توافرها في عقد شراء وحدة سكنية من اي شركة، قال “محمد وجيه”، :” نحن في مكتبنا نعتبر عقد شراء الوحدة السكنية من أكثر العقود التي تستوجب عناية قانونية خاصة، لأنه لا يقتصر على مجرد اتفاق بيع وشراء، بل يرتب التزامات مالية وقانونية تمتد لسنوات.ومن واقع خبرتنا العملية، هناك مجموعة من البنود الأساسية التي يجب أن يتأكد منها كل مشتري قبل التوقيع على العقد، من أبرزها:
أولاً: تحديد هوية أطراف التعاقد بدقة، مع ذكر الصفة القانونية لكل طرف، والتأكد من أن الشركة المالكة أو المطور لديه حق البيع قانوناً.
ثانياً: وصف الوحدة المباعة وصفاً تفصيلياً يشمل المساحة والدور ورقم الوحدة والمواصفات الفنية ونسبة التخصيص في الأرض، لتفادي أي خلافات لاحقة.
ثالثاً: الاطلاع على سند ملكية الشركة البائعة والتأكد من خلو المشروع من أي رهون أو التزامات أو نزاعات قضائية.
رابعاً: تحديد جدول سداد الثمن بوضوح، مع النص على الجزاءات في حال التأخير سواء من المشتري أو البائع، حفاظاً على حقوق الطرفين.
خامساً: تحديد موعد تسليم الوحدة ومواصفاتها النهائية، مع إدراج بند صريح يلزم الشركة بدفع تعويض في حال التأخير أو الاختلاف في المواصفات المتفق عليها.
سادساً: النص على استصدار التراخيص والموافقات الرسمية من الجهات المختصة قبل التعاقد أو خلال فترة الإنشاء.
سابعاً: تحديد الجهة القضائية أو التحكيمية المختصة بالنزاع حتى لا يترك الأمر مفتوحاً عند حدوث خلاف.
وأخيراً، نؤكد دائماً على أهمية مراجعة العقد من قبل محامٍ متخصص قبل التوقيع، لأن كثيراً من المشكلات العقارية تنشأ من عقود غير دقيقة أو تتضمن بنوداً مجحفة بحق المشتري لان الوقاية القانونية هنا أهم بكثير من محاولة معالجة النزاع بعد وقوعه.

وفيما يتعلق بالأسباب القانونية الأكثر شيوعا لتأخر شركات المقاولات في تسليم الوحدات السكنية، أكد “محمد وجيه”، من واقع عملنا في مجال الاستشارات القانونية ومتابعة عقود المقاولات والعقارات، نلاحظ أن تأخر شركات المقاولات أو المطورين العقاريين في تسليم الوحدات السكنية يُعد من أكثر النزاعات شيوعاً بين العملاء والشركات.
وغالباً ما تعود هذه المشكلة إلى أسباب قانونية وتنظيمية متعددة، من أبرزها:
أولاً: غياب التحديد الدقيق لموعد التسليم في العقد، أو استخدام عبارات فضفاضة مثل “بعد الانتهاء من الأعمال الإنشائية”، دون ذكر تاريخ محدد أو فترة زمنية واضحة، مما يفتح الباب أمام التأخير دون مسؤولية قانونية مباشرة.
ثانياً: عدم استيفاء التراخيص أو الموافقات الإدارية من الجهات الحكومية المختصة، كالتراخيص البنائية أو توصيل المرافق، وهو ما يؤدي إلى تعطّل تسليم المشروع رغم اكتمال البناء فعلياً.
ثالثاً: عدم التزام الشركة بجداول التنفيذ أو التمويل، خاصة في المشروعات التي تعتمد على دفعات المشترين في تمويل مراحل البناء، فتؤدي أي تعثرات مالية إلى توقف الأعمال وتأخر التسليم.
رابعاً: تعديل التصميمات أو تغيير المواصفات أثناء التنفيذ دون موافقة المشتري أو دون تحديث العقود بما يتوافق مع التعديلات، مما يخلق خلافات تؤخر عملية الاستلام النهائي.
خامساً: عدم النص على جزاءات واضحة في حالة التأخير، فغياب هذا البند يجعل المشتري بلا وسيلة فعّالة لإلزام الشركة بالالتزام بالموعد أو التعويض.
سادساً: في بعض الحالات، يكون السبب سوء الإدارة أو ضعف الإشراف الفني على المشروع، مما يؤدي إلى تكرار الأخطاء الهندسية أو إعادة تنفيذ بعض الأعمال.
ونحن دائماً ننصح العملاء بضرورة تضمين العقد بنداً صريحاً يحدد موعد التسليم النهائي، مع غرامة تأخير أو تعويض محدد القيمة، حتى يكون الالتزام متوازناً وواضحاً للطرفين
فالعقد الواضح والمكتمل هو أول خطوة نحو استقرار العلاقة بين الشركة والمشتري، وتجنب أي نزاعات مستقبلية.

واعتبر “محمد وجيه” امحامي فى مكتب “توكل” للاستشارات القانونية، أن العقد هو الذي يحدد مدة التنفيذ وميعاد التسليم، وبالتالي فإن أي تأخير بعد الميعاد المتفق عليه يُعتبر من حيث المبدأ إخلالاً بالتزام تعاقدي، لكن في الواقع العملي، كثير من عقود المقاولات والعقارات تتضمن ما يسمى “فترة سماح” أو مهلة إضافية، تمنح للشركة في حالات القوة القاهرة أو الظروف الطارئة، مثل تأخر صدور التراخيص أو حدوث أزمات خارجة عن الإرادة.عادة ما تتراوح هذه المهلة من 3 إلى 6 أشهر بعد تاريخ التسليم المحدد بالعقد، بشرط أن تكون منصوصاً عليها صراحة ومبررة بأسباب واقعية أما إذا تجاوز التأخير تلك المدة دون مبرر مشروع، فإن الشركة تكون في حالة إخلال تعاقدي واضح، ويحق للمشتري في هذه الحالة اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، سواء بطلب التعويض عن التأخير، أو المطالبة بفسخ العقد واسترداد المبالغ المدفوعة، وفقاً لشروط العقد ونصوص القانون المدني.
ونحن في مكتبنا نوصي دائماً العملاء – سواء شركات أو مشترين – بأن يكون بند التسليم محدداً بدقة، وأن يُضاف إليه شرط جزائي واضح يحدد قيمة التعويض أو الغرامة اليومية أو الشهرية في حال التأخير، لأن وضوح هذا البند هو ما يضمن توازن العلاقة ويحافظ على حقوق الطرفين.

ولكي يتمكن المشتري من إثبات حقه قانونيا في حال تأخر التسليم عن الموعد المحدد، أكد “محمد وجيه”، أن إثبات حق المشتري في حالة تأخر التسليم يعتمد بالدرجة الأولى على ما ورد في العقد، لأن العقد هو الوثيقة القانونية الأساسية التي تُنظم العلاقة بين الطرفين فإذا كان العقد ينص على موعد تسليم محدد وبند جزائي أو تعويضي في حال التأخير، فإن هذا النص يُعد الدليل الأول والأقوى أمام الجهات القضائية. ولإثبات التأخير بشكل قانوني، يجب على المشتري اتباع الخطوات التالية:
1- الاحتفاظ بنسخة أصلية من العقد تتضمن ميعاد التسليم وشروط التعويض أو الغرامة.
2- توجيه إنذار رسمي على يد محضر إلى الشركة يفيد بمطالبتها بالتسليم خلال مدة معينة، وإلا سيُتخذ ضدهـا الإجراء القانوني.
3- توثيق المراسلات والمكاتبات أو أي بيانات رسمية تثبت المواعيد الفعلية للتسليم أو المبررات المقدمة من الشركة.
4- في حال استمرار التأخير، يمكن للمشتري رفع دعوى قضائية للمطالبة بالتعويض عن التأخير، أو طلب فسخ العقد واسترداد المبالغ المدفوعة إن كان التأخير جسيماً وغير مبرر.
وغالباً ما تميل المحاكم إلى إنصاف المشتري متى ثبت أن التأخير ناتج عن تقصير من الشركة وليس عن ظروف قهرية لهذا ننصح دائماً بأن يتضمن العقد من البداية بنوداً واضحة تحدد ميعاد التسليم وآلية التعويض، لأن وضوح الالتزامات هو الذي يجعل إثبات الحق أمراً سهلاً ومباشراً دون الدخول في نزاعات طويلة

وأكد “محمد وجيه”، أن مثل هذه المشكلات قد يكون لها تداعيات سلبية على الاستثمار في مصر، ولا يمكن إنكار أن تأخر تسليم الوحدات السكنية أو عدم الالتزام بشروط التعاقد يترك أثراً سلبياً على مناخ الاستثمار العقاري، لأنه يزعزع الثقة بين المستثمر والمطور، ويُضعف ثقة المواطنين والمستثمرين الأجانب في السوق.
فعنصر الشفافية والانضباط التعاقدي هو من أهم مقومات أي بيئة استثمارية ناجحة.
عندما يتكرر حدوث التأخير أو النزاعات، يشعر المستثمر أو المشتري بعدم الأمان القانوني، وهو ما قد يدفع البعض إلى التردد قبل الإقدام على الشراء أو الاستثمار في القطاع العقاري لكن في المقابل، مصر تمتلك إطاراً تشريعياً متطوراً وقوانين حديثة — وعلى رأسها قانون العمل الجديد وقانون تنظيم التطوير العقاري وقانون حماية المستهلك — وهي جميعها تشكل مظلة حماية قوية متى تم تطبيقها بصرامة وشفافية. أما عن الحلول، فنحن نرى أنها تتمثل في عدة محاور أساسية:
1 – تشديد الرقابة على شركات التطوير العقاري والتأكد من جدية المطور قبل طرح أي مشروع للبيع.
2 – إلزام الشركات بالإفصاح الكامل عن التراخيص والمواعيد التنفيذية قبل التعاقد مع المشترين.
3 – تفعيل آلية التأمين أو الضمان البنكي لمشروعات البيع على الخارطة (Off-plan) بحيث لا تُستخدم أموال العملاء إلا في نفس المشروع.
4 – تسريع الفصل في النزاعات العقارية من خلال دوائر متخصصة.
5 – رفع الوعي القانوني لدى المشترين بضرورة مراجعة العقود قبل التوقيع، والاستعانة بمستشار قانوني متخصص.
وباختصار، الحل ليس في إصدار قوانين جديدة بقدر ما هو في تطبيق القوانين القائمة بفاعلية، مع تعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة، لأن الاستثمار لا يزدهر إلا في بيئة تحكمها قواعد واضحة والتزام متبادل بين الدولة والمطور والمشتري.

وعن الجهة الحكومية المختصة بمراقبة التزام شركات المقاولات بمواعيد التسليم، قال “محمد وجيه”: في الحقيقة، تختلف الجهة المختصة بالرقابة على شركات المقاولات أو التطوير العقاري بحسب طبيعة المشروع وموقعه الجغرافي، لكن هناك مجموعة من الجهات الحكومية الأساسية التي تتابع هذا الأمر بشكل مباشر أو غير مباشر.
فعلى رأس هذه الجهات تأتي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، التابعة لوزارة الإسكان، وهي الجهة المسؤولة عن مراقبة وتنفيذ مشروعات الشركات العاملة داخل المدن الجديدة، والتأكد من التزامها بالجداول الزمنية للتنفيذ والتسليم.
كما تختص مديريات الإسكان والمرافق في المحافظات بمتابعة المشروعات المقامة داخل نطاقها الجغرافي، والتأكد من سلامة التراخيص ونسب الإنجاز وفقاً للجدول الزمني المعتمد.
أما بالنسبة للشركات المسجلة كمطورين عقاريين، فإن وزارة الإسكان ممثلة في جهاز تنظيم التطوير العقاري تلعب دوراً محورياً في متابعة التزام الشركات المطورة بمواعيد التسليم والتعاقدات مع العملاء، وفقاً لأحكام قانون تنظيم التطوير العقاري رقم 5 لسنة 2024 ولائحته التنفيذية.
ويضاف إلى ذلك دور جهاز حماية المستهلك الذي أصبح له صلاحيات واسعة في التعامل مع شكاوى العملاء ضد الشركات العقارية، خاصة في حالات التأخير في التسليم أو الإخلال ببنود التعاقد، ويمكن للمستهلك التقدم بشكواه للجهاز لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
وفي رأينا، فإن التنسيق بين هذه الجهات — الإسكان، جهاز التطوير العقاري، وجهاز حماية المستهلك — يمثل الضمان الحقيقي لتحقيق الشفافية والانضباط في السوق العقاري، وضمان التزام الشركات بمواعيد التسليم المتفق عليها دون الإضرار بحقوق المشترين.

وعن النصائح القانونية لأي شخص ينتوي شراء وحدة سكنية من شركة مقاولات، قال “محمد وجيه”، أن النصيحة الأهم التي نوجّهها دائماً هي أن العقد ليس مجرد ورقة للتوقيع، بل هو الضمان الحقيقي لحقوق المشتري، لذلك يجب التعامل مع خطوة شراء الوحدة السكنية بعين القانون لا بالعاطفة أو الدعاية.
ومن واقع خبرتنا في الاستشارات العقارية، نوصي المشتري باتباع مجموعة من الإجراءات الأساسية قبل إتمام أي تعاقد، أهمها:
1 – التحقق من الوضع القانوني للأرض والمشروع، وذلك من خلال الاطلاع على سند الملكية والتأكد من أن الشركة المالكة لديها حق البيع ولم تُصدر ضدها نزاعات أو رهون عقارية.
2 – مراجعة الترخيص الصادر للمبنى أو المشروع من الجهة الإدارية المختصة، والتأكد من أن البناء قائم وفقاً للمواصفات القانونية وليس مخالفاً.
3 – قراءة بنود العقد بدقة، مع التركيز على البنود الخاصة بموعد التسليم، طريقة السداد، الشرط الجزائي، ونظام المرافق والتشطيب.
4 – الاحتفاظ بنسخة رسمية مختومة من العقد وجميع الإيصالات والمراسلات، لأنها ستكون المرجع القانوني لأي مطالبة لاحقة.
5 – عدم التوقيع أو دفع مقدم حجز قبل مراجعة العقد من محامٍ متخصص، فالمستشار القانوني وحده القادر على اكتشاف البنود التي قد تضر بالمشتري مستقبلاً.
6 – تفضيل المشروعات المعتمدة والمسجلة لدى جهاز تنظيم التطوير العقاري أو هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لأن المشروعات الخاضعة للرقابة الرسمية توفر حماية أكبر للمستهلك.
وفي النهاية، نقول دائماً إن الوقاية القانونية أفضل من التقاضي؛ فمراجعة مستند بسيط قبل الشراء قد توفر على المشتري سنوات من النزاع والخسارة ، فالقانون وُجد لحماية الجميع، لكنه لا يحمي من لا يُحسن استخدامه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *